لفت انتباهي أن هوائيات المحطات الأرضية الفضائية Earth Station ضخمة جداً، وأن قطر الهوائي يبلغ أحياناً عشرات الأمتار، كنت أتساءل عن السبب، في طفولتي كنت أظن أن هذا الحجم ضروري من أجل ضخ الأمواج باتجاه السماء بقدرة عالية جداً، لكن هذه الإجابة حتماً خاطئة، فالقدرة المرسلة لا علاقة لها بالهوائي نفسه بشكل مباشر إنما بالقدرة المتولدة في المصدر نفسه.
نظرت إلى العلاقة الشهيرة في الأمواج الكهرومغناطيسية، والتي تنص على أن تردد أي موجة يساوي 1 مقسوماً على الطول الموجي لتلك الموجة، أي أن التردد وطول الموجة بينهما علاقة عكسية، إذا ازداد التردد قل طول الموجه والعكس صحيح.
وهذا يعني أنه كلما ازداد التردد احتجنا إلى هوائي أبعاده أقل لاستقبال الموجه، لأنه بازدياد التردد يقل طول الموجة، وهذا ما كنا نراه بشكل عملي في هوائيات استقبال البث التليفزيوني، أتذكرون فيما مضى كيف كان حجم "صحن الدش" كبيراً جدا؟ وكيف أصبحت الآن قطرها أقل من المتر الواحد؟ هذا لأنه فيما مضى كانت إشارات الارسال التليفزيوني تعتمد على ترددات أقل من الترددات المستخدمة حالياً، فكانت بالتالي تستلزم هوائيات ذات أبعاد أكبر.
لكن هذا لم يغير شيئاً بالنسبة لهوائيات المحطات الأرضية التي ترسل إشاراتها للأقمار الصناعية! هي ما تزال ترسل إلى السماء بترددات جيجاهيرتزية، وأضعف الإيمان أن تكون ذات قطر 1 متر فقط! اتجهت للخواص المطلوب توافرها في الهوائيات التي ترسل للقمر الصناعي، بما أن الارسال من المحطة الأرضية إلى القمر الصناعي يندرج تحت نوع الإرسال من نقطة لنقطة Point to Point فهذا يحتم علينا أن نسلط الإشعاع في اتجاه واحد، كذلك بما أن المسافة التي ستعبرها الموجة كبيرة جداً وجب علينا أن نحاول قدر الإمكان تركيز قدرة الإشعاع في اتجاه واحد فقط ومحاولة اهمال الإتجاهات الأخرى كوننا لا نستهدف أحداً فيها.
تركيز الإشعاع في اتجاه واحد يسمى Directivity أي الإتجاهية، وهي تتناسب طردياً مع مفهوم آخر يسمى Gain أي الكسب، لتحقيق غايتنا نحتاج هوائياً ذا كسب عالٍ، لذلك فنحن بحاجة إلى هوائي ذي اتجاهية عالية، حين بحثت عن معادلة الاتجاهية في الهوائيات وجدت أنه كلما زاد قطر الهوائي زادت قدرته على تركيز الإشعاع في اتجاه واحد، وبالتالي نحصل على مقدار كسب عالٍ يمكننا من إيصال الإشعاع من المحطة الأرضية إلى القمر الصناعي بشكل سليم، وهنا يكمن السبب! إذن .. الهوائي الضخم يسهم بشكل مباشر في تركيز طاقة الإشعاع في اتجاه واحد حتى تصل القمر الصناعي.
يمكنك أن تلاحظ الهوائي الموجود على أبراج الهواتف المحمولة، ذلك الهوائي الذي يشبه الطبلة! هذا الهوائي يسمى هوائي مايكروويف، وهذا يتعامل مع ترددات عالية جيجاهيرتزية ويرسل من نقطة لنقطة لكن حجم هذه الهوائيات صغير نسبياً .. هذا لأن المسافة بين الهوائيات صغيرة نسبياً، أي أننا لسنا بحاجة إلى مقدار كسب عالٍ لإيصال الإشارات، وبالتالي لن نحتاج إلى حجم هوائي كبير.
م. إياد أبو عرقوب
15/5/2016
15/5/2016
لقد أنهيت الموضوع .. الله يعطيك العافية
0 التعليقات:
إرسال تعليق
123